حين يعجز النظام

في بلد أرهقته الشعارات الكبرى وابتلعته اللغة الخشبية، لا يزال النظام الموريتاني يتعامل مع الفكر كما لو كان تهديدًا أمنيًا، ومع الكاتب كما لو كان جاسوسًا. كأن الكلمة خيانة، والتساؤل جريمة. 
بعد سبع سنوات عجاف نهبت فيها ثروات بلد تحت غطاء برامج تعهداتي وتعهداتي الموسع وطموحي و برامج العصرنة  وبرامج التوزيعات المجانية ومساعدة المتضررين وغيرها من العناوين والشعارات التي  لم تحمل لشعب الموريتاني الي البؤس والفقر والجوع 
هاهو النظام اليوم يقف عاجزا أمام حفنة من المنتفعين الجشعين الذي اهلكوا العباد ودمروا البلاد وحولوا ثروات شعب بأكمله الي ممتلكات خاصه وقصور للاستجمام في المغرب و أوروبا. 
ان الحكومة الفاسدة التي تحكم البلاد اليوم ليست مجرد خلل إداري عابر بل هي كارثة تهدد كيان الدولة وتدمر ثقة المواطنين في مؤسساتهم .
 ان الفساد بكل أشكاله يُضعف البنية الاقتصادية والاجتماعية ويُغذي الظلم ويُعمق الفجوة بين الشعب والنخبة الحاكمة .
ان مظاهر الفساد الحكومي المستشري في البلاد من خلال الاختلاس والنهب المالي وتحويل المال العام إلى حسابات شخصية أو  صفقات مشبوهة تُهدر موارد الدولة وتثقل كاهلها
 و المحسوبية والواسطة وتعيين الأقارب أو الموالين في مناصب حساسة دون كفاءة أفقد المؤسسات الحكومية قدرتها على الأداء  وفتح الباب امام الرشوة وبيع المناصب وتحويل الخدمات العامة إلى سلعة تُباع وتُشترى فأصبح الحصول على حقك مرتبطًا بعلاقتك الاسريه والقبليةوالجهوية.
وقد أظهرت حكومة المختار ولد انجاي تلاعب بالتشريعات وسن قوانين تُبيح الفساد و تحمي الفاسدين مثل إقرار عفو عن جرائم مالية مقابل اتفاقيات تحمي المفسدين أو إضعاف الرقابة القضائية. وقمع الحريات واستخدام السلطة لإسكات الأصوات المنتقدة عبر الاعتقالات التعسفية أو تشويه السمعة.
كما استطاعت اضعاف المؤسسات الرقابية وتغييب الهيئات المستقلة القادرة على محاسبة المسؤولين مثل للجان الصفقات العمومية وغيرها و تحويلها  إلى أدوات في يد السلطة. ولهذا فإن   الحكومة تعيش في عالم من الرفاهية بعيدًا عن معاناة المواطن وفقدت أي حس بالمسؤولية .
وقد سمح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بتكريس الفساد دون خوف من المحاسبة بصمت مطبق ودون اتخاذ أي موقف . 
مما جعل البلاد تعيش  انهيار اقتصادي وتدهور في الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية .
ولهذا لابد ان تكون هناك وقفة جدية من قبل الصالحين والذين لايرضون ان تنهب ثروات بلادهم من قبل ثلة من الفاسدين 
 بمواجهة هذه الحكومة  الفاسدة التي عجزت حتي بالاعتراف بفشلها.
ولابد أن نفهم بأن الفساد ليس قدرًا محتومًا فالتاريخ يثبت أن الشعوب التي توحدت لمحاربة الفساد استطاعت إسقاط أنظمة استبدادية وإعادة بناء دولها كما حدث في دول مثل سنغافورة وجورجيا اللتين تحولتا من بؤر فساد إلى نماذج للنزاهة.
نعم  الفساد الحكومي مرض خطير لكنه ليس مستحيل العلاج فالحل يبدأ بإرادة سياسية حقيقية ومجتمع واعٍ  يرفض الصمت ومؤسسات تُحاسِب بلا خوف وأخيراً فأن الشعب حين يُدرك أنه مصدر السلطة سيُجبر الفاسدين على الرحيل . وحمى الله موريتانيا من الفاسدين والمنافقين .
بقلم شيخنا سيد محمد