.gif)
لعصابه: حماية المراعي ضرورة وطنية.. وصريف المخصصات خطر يهدد الأمن / محمد الصحه ديدي

ليس كافيًا أن تُنبت المراعي أعشابًا موسمية عابرة، فذلك لا يختزل دورها الحقيقي. المراعي مورد اقتصادي حيوي، تتقاطع أهميته مع الأمن الغذائي، والاستقرار المالي، وأمن الأفراد، خاصة في المجتمعات الريفية والرعوية التي تعتمد عليها بشكل مباشر.
في ظل التحديات المتزايدة، والمخاطر القادمة من دول الجوار، لم يعد من المقبول أن نغض الطرف عن التدهور المستمر لهذا المورد الاستراتيجي.
لقد أصبحنا نعيش موسمًا بعد آخر على اجترار وصريف المخصصات، وتكرار نفس الخطط والبرامج، دون أثر ملموس على الأرض. تقارير الإنجاز تتكدس، والواقع لا يزداد إلا هشاشة، وكأن تردي المراعي صار قدرًا لا مفر منه.
إلى جانب التدهور والإهمال، تلوح الحرائق اليوم كتهديد حقيقي وخوف دائم. فمن غير المعقول أن تشتعل النيران عامًا بعد عام، فتلتهم الغطاء النباتي، وتحول المراعي إلى رماد، دون أن يكون هناك استباق أو حماية فعالة. الحرائق ليست مجرد حوادث عرضية، بل نتيجة مباشرة للتسيب وضعف الإدارة وسوء التنسيق بين الجهات المعنية.
إن المراعي ليست مجرد أرض تنبت فيها الأعشاب، بل هي حزام أمان اقتصادي، ومصدر عيش كريم، وعنصر توازن بيئي واجتماعي، لا يمكن الاستهانة به في هذه المرحلة الحرجة.
لذا، فإن حماية المراعي لم تعد خيارًا، بل واجب وطني، يستوجب تدخلًا عاجلًا وصادقًا من مختلف القطاعات: الزراعة، الاقتصاد، البيئة، والأمن، وبعيدًا عن الحلول الورقية والمقاربات الموسمية.
الوقت يضيق، والمخاطر تتسع، والتأخر في المعالجة الحقيقية يعني أننا نُسلم رقابنا للأزمة.
فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟
الاستاذ الفقيه محمد الصحه ديدي
