انطلاق الندوة العلمية الإقليمية الرابعة حول بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية

نظّم مكتب رابطة العالم الإسلامي في موريتانيا، اليوم الجمعة بنواكشوط، أعمال الندوة العلمية الإقليمية الرابعة تحت عنوان: «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية ودورها في تعزيز قيم الوحدة والتضامن الإسلامي».

وتهدف هذه الندوة إلى تعزيز التقارب بين المذاهب الإسلامية، وترسيخ ثقافة الحوار، وتقوية وحدة الصف الإسلامي في مواجهة تحديات التطرف والانقسام وسوء الفهم.

وتخلّل حفل الافتتاح عرض فيلم وثائقي حول وثيقة “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”.

وخلال إشرافه على انطلاق الندوة، قال الأمين العام لوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، السيد بيت الله ولد أحمد لسود، إن تنظيم هذه الندوة العلمية حول وثيقة “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” يعكس التزام موريتانيا الراسخ بخدمة قضايا الإسلام الجامعة، وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، وتعزيز ثقافة الحوار والتقارب بين مختلف المذاهب الإسلامية.

وأضاف أن هذه الوثيقة تمثّل إطارا علميا وشرعيا متوازنا لإدارة الاختلاف المذهبي، بما يحفظ ثوابت الدين ويصون وحدة الأمة، ويغلق أبواب الغلو والتطرف، ويؤسّس لخطاب ديني رشيد يستجيب لتحديات العصر دون التفريط في الأصول.

وأكد أن وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ستعمل، بالتنسيق مع العلماء والمؤسسات العلمية، على إدماج مضامين الوثيقة في البرامج التكوينية والأنشطة الدعوية والتعليمية، بما يسهم في بناء وعي جماعي قائم على الاحترام المتبادل وتعظيم المشتركات الإسلامية.

ومن جانبه بيّن مستشار مكتب رابطة العالم الإسلامي في موريتانيا، الدكتور أحمد ولد محمد الحافظ ولد النحوي، أن وثيقة “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” ليست اجتهادا فرديا ولا موقفا عابرا، بل هي ثمرة توافق جماعي لعلماء الأمة في أقدس مكان وأشرف زمان بمكة المكرمة، برعاية كريمة من قيادة المملكة العربية السعودية، وإشراف مباشر من الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، بما يجعلها مرجعية شرعية جامعة في مسار وحدة المسلمين.

وأضاف أن هذه الوثيقة تهدف إلى جمع شتات الأمة ومعالجة خلافاتها الداخلية بين المذاهب، عبر محاصرة خطاب التكفير والتطرف، وترسيخ مرجعية الفتوى في المؤسسات العلمية الرسمية، وتعزيز مساحات المشترك الإسلامي التي توحّد المسلمين وتحمي أمنهم الفكري والاجتماعي.

وأكد أن اختيار موريتانيا لاحتضان هذه الندوة يعكس مكانتها العلمية وتجربتها الرائدة في الحوار الديني ومواجهة الغلو والانحراف، مشددا على أن هذه التجربة أسهمت في تعزيز الأمن الفكري ومقاومة الإرهاب، وتؤهّل البلاد لتكون منصة فاعلة لدعم مسار التقارب ووحدة الصف الإسلامي.

ومن جهته، أكد الأمين العام لهيئة علماء موريتانيا، الشيخ ولد صالح، أن وثيقة “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” التي أُقِرّت في مكة المكرمة تمثّل محطة مفصلية في مسار العمل الإسلامي المشترك، لما تحمله من دعوة صادقة إلى نبذ التعصب والطائفية، وترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم بين مختلف المذاهب، بما يعزّز وحدة الأمة وأمن مجتمعاتها.

وأضاف أن المذاهب الإسلامية ليست مصدرا للفرقة، بل هي روافد علمية نشأت في سياقات تاريخية واجتماعية مختلفة، وأن المسلمين – على اختلاف مدارسهم – يجتمعون على رب واحد، وكتاب واحد، ونبي واحد، وقبلة واحدة، وهو ما يجعل من المشترك الإسلامي أساسا متينا للتعاون والتكامل في مواجهة التحديات المعاصرة.

ومن جانبه قال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للفتوى والمظالم، الشيخ محمد المختار ولد امباله، إن وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية تمثّل نقلة نوعية في مسار العمل الإسلامي المشترك، لأنها تؤسس لفقه راشد في إدارة الخلاف، يحفظ الثوابت ويصون وحدة الأمة، ويمنع تحويل التنوع المذهبي إلى أداة صراع أو فرقة.

وأضاف أن الأمة الإسلامية لا تواجه اليوم تحديات فكرية فحسب، بل تواجه استهدافا مباشرا لوحدتها وهويتها، وهو ما يجعل من ترسيخ ثقافة الحوار والتعارف بين المذاهب ضرورة شرعية وواجبا حضاريا.

وأوضح أن الوثيقة الصادرة في مكة المكرمة تؤكد أن المسلمين، على اختلاف مذاهبهم، يجتمعون على أصول واحدة: إله واحد، وكتاب واحد، ونبي واحد، وقبلة واحدة، وهوية جامعة، مشددا على أن هذا المشترك العظيم يجب أن يكون منطلقا للتعاون والتكامل في مواجهة التحديات المعاصرة.

وبدوره شكر مستشار الشؤون الدينية برئاسة الجمهورية السنغالية، الدكتور جيم أدرامي، الحكومة الموريتانية على احتضان هذه الندوة المهمة، مؤكدا أن الثابت والمُؤكد هو ضرورة العودة إلى القيم الدينية والثقافية الأصيلة حتى يستعيد العالم الإسلامي مكانته وهويته.

وأضاف أن التمسك بالقيم الدينية هو الذي قاد الأمة الإسلامية إلى الريادة والازدهار الحضاري في عصرها الذهبي، مشددا على أن استعادة تلك القيم تمثّل المدخل الحقيقي لنهضة الأمة في الحاضر والمستقبل.

ومن جانبه قال وزير الشؤون الدينية السابق بجمهورية تونس، الدكتور محمد خليل، إن وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية تمثّل خطوة استراتيجية في ترسيخ ثقافة الاعتدال والتقارب بين المسلمين، مؤكدا أن إدارة الاختلاف المذهبي بروح علمية وأخلاقية هي السبيل الأنجع للحفاظ على وحدة الأمة وصون استقرار مجتمعاتها.

وأضاف أن التجارب التاريخية تثبت أن التنوع المذهبي كان دائما مصدر غنى فكري وفقهي، وليس سببا للفرقة، داعيا إلى تفعيل مضامين الوثيقة في المؤسسات العلمية والتعليمية والإعلامية لترسيخ خطاب إسلامي جامع يواجه التطرف والتشدد ويعزّز قيم التعايش والتعاون بين المسلمين.

ويُذكر أن وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية: هي وثيقة تاريخية أقرّها كبار العلماء ومفتي العالم الإسلامي في مكة المكرمة عام 1445هـ (2024م) برعاية رابطة العالم الإسلامي، وتتكوّن من 28 بندًا تدعو إلى التفاهم والتعاون والتكامل بين المذاهب، وتؤكد على المشتركات الإسلامية، وتنبذ الطائفية، وتعد امتدادا لوثيقة مكة المكرمة.

وقد جرت الندوة بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين والباحثين من داخل موريتانيا وخارجها.