الولايات المتحدة: ما هو "البند 42" وما الذي سيحصل بعد وقف العمل به

مع انتهاء إجراءات مكافحة انتشار وباء كورونا في الولايات المتحدة عند منتصف ليل الخميس، تنتهي أيضا مفاعيل قانون الطوارئ الصحية أو ما بات يعرف بـ"البند 42"، والذي بموجبه تم ترحيل وإبعاد أكثر من مليوني مهاجر على مدار العام الماضي. ما هو هذا البند وكيف ساهم بتشكيل سياسة الهجرة في الولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية؟ وما هي الخطوات المقبلة للسلطات للتعامل مع تدفقات المهاجرين؟

إعلان

سجلت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا حادا بأعداد المهاجرين الوافدين عبر حدودها الجنوبية، وذلك قبل أيام من البدء باعتماد قانون جديد يتوقع أن يمنع بموجبه معظم من يعبرون الحدود بشكل غير قانوني من طلب اللجوء.

وكانت السلطات قد أصدرت بيانا أمس الأربعاء 10 أيار\مايو، اعتبرت فيه أنه وفقا لهذا القانون، سيكون معظم المهاجرين غير مؤهلين للحصول على اللجوء إذا مروا عبر دول أخرى دون طلب الحماية فيها أولا، أو إذا فشلوا في الوصول إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني.

وسجلت السلطات عبور أكثر من 10 آلاف شخص يوميا منذ مطلع الأسبوع الحالي، مع تجمع عشرات الآلاف على المقلب الآخر من الحدود، على الجانب المكسيكي بانتظار أن تحين فرصتهم.

خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن، قال وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس إنه بموجب القانون الجديد، سيعاني المهاجرون الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني "من عواقب وخيمة. إذا تم القبض عليهم، يمكن ترحيلهم ومنعهم من دخول الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات...".

 

صورة جوية لمهاجرين قبالة معبر إل باسو (في ولاية تكساس جنوب الولايات المتحدة) الحدودي على ضفاف نهر ريو غراندي، 4 أيار\مايو 2023 © HERIKA MARTINEZ / AFP

وأضاف مايوركاس "نقول بشكل واضح إن حدودنا ليست مفتوحة، والعبور بشكل غير منتظم مخالف للقانون. وأن أولئك الذين ليسوا مؤهلين للحصول على المساعدة ستتم إعادتهم بسرعة".

10 آلاف مهاجر يوميا

ويعد القانون الجديد جزءا من خطة ضبط الحدود التي وضعها الرئيس جو بايدن، لتدخل حيز التنفيذ بعد انتهاء العمل بمفاعيل "البند 42" (Title 42) قبل منتصف ليل اليوم الخميس. وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد اعتمدت هذا الإجراء منذ آذار\مارس 2020، وتم بموجبه طرد العديد ممن عبروا الحدود من المكسيك دون أن يتمكنوا من طلب اللجوء.

وسائل إعلام مختلفة تناقلت صورا لحشود كبيرة من المهاجرين تتجمع عند السياج الحدودي مع المكسيك بانتظار أن يتمكنوا من العبور.

براندون جود، رئيس نقابة حرس الحدود الأمريكية، قال في تصريحات صحافية إن أكثر من 10 آلاف مهاجر كان يتم توقيفهم يوميا منذ مطلع الأسبوع، وهذا رقم كبير مقارنة بما كان يتم تسجيله الشهر الماضي.

ما هو "البند 42"، ولماذا يسعى المهاجرون الآن لعبور الحدود مع الولايات المتحدة مع اقتراب انتهاء العمل به؟

يعود تاريخ هذا الإجراء القانوني إلى عام 1944، وهو كان معروفا بقانون الصحة العامة، منح السلطات الأمريكية القدرة على فرض حالة الطوارئ لمنع انتشار الأمراض.

في آذار\مارس 2020، استندت إدارة ترامب إلى هذا القانون في إطار مساعيها لوقف تدفق أمواج المهاجرين، بحجة منع انتشار وباء كورونا. القانون مكّن السلطات الأمريكية خلال هذا الوقت، وبحجة منع انتشار الوباء داخل البلاد، من طرد المهاجرين وطالبي اللجوء. ومع وصوله للسلطة، أبقى بايدن على العمل بذلك القانون على الحدود، ما أدى إلى طرد أكثر من مليوني مهاجر وطالب لجوء بين 2021 و2022، حسب بيانات وكالة حماية الحدود الأمريكية.

ومع إعلان السلطات الفيدرالية الأمريكية انتهاء العمل بإجراءات الوقاية من وباء كورونا، بات "البند 42" غير قابل للتطبيق، ولن تتمكن السلطات من استخدامه كحجة لتنفيذ المزيد من عمليات الطرد والإبعاد القسري.

وتتوقع الأوساط السياسية الأمريكية ارتفاعا كبيرا في أعداد المهاجرين الوافدين عبر الحدود مع انتهاء العمل "بالبند 42" قبيل منتصف الليلة، خاصة وأن كثيرين ممن تم طردهم بموجب هذا القانون ما زالوا على الحدود ينتظرون فرصة تسمح لهم بالعودة.

وكان وزير الأمن الداخلي الأمريكي قد دعا المهاجرين، خلال حديثه الصحافي في واشنطن الأسبوع الماضي، إلى التنبه من المعلومات المضللة التي ينشرها المهربون. وقال "يتم خداعكم وتخاطرون بحياتكم وأموالكم...".

وشدد مايوركاس على أن "الحدود ليست مفتوحة ولن تفتح بعد 11 أيار\مايو".

استعدادات المدن الحدودية

مع كل ما سبق، تستعد المدن والبلدات الحدودية الأمريكية لاستقبال موجات متجددة من المهاجرين.

مدينة براونزفيل بولاية تكساس تشهد ارتفاعا كبيرا بأعداد الوافدين منذ حوالي أسبوع ونصف. سيرجيو كوردوفا، مؤسس منظمة "تيم براونزفيل" غير الحكومية المعنية بمساعدة المهاجرين، قال إن منظمته تستقبل حوالي ألف مهاجر يوميا في مركزها، مؤكدا على وجود العشرات من المهاجرين المشردين في شوارع المدينة.

أما مدينة إل باسو، أعلنت بدورها حالة الطوارئ قبل انتهاء العمل "بالبند 42". سلطات المدينة كانت قد تحدثت عن وجود حوالي 2300 مهاجر مشرد، منتشرون حول ملجأين في وسط المدينة، في وقت تتناقص فيه الموارد الأساسية المطلوبة لمساعدتهم.

وقال جون مارتن، نائب مدير مركز "الفرص" للمشردين في إل باسو لشبكة CNN الأمريكية يوم الأحد الماضي "ما زلنا قادرين على إطعامهم، ولكن بكل صدق هذه ليست عملية مستدامة...".

واعتبر مارتن أن "هذه قضية وطنية. نحن في إل باسو، إلى جانب العديد من المجتمعات الأخرى على طول الحدود الجنوبية، على خط المواجهة الأمامي".

وللتعامل مع أمواج المهاجرين، أعلنت السلطات الأمريكية عن عدد من الخطوات لتعزيز أمن الحدود، بما في ذلك نشر 1500 جندي لمساعدة أجهزة الجمارك وحماية الحدود. لكن هذه الخطوة لاقت استهجانا من طرفي السياسة الأمريكية الأساسيين، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السناتور الديمقراطي بوب مينينديز، اعتبر أن "هناك بالفعل أزمة إنسانية في نصف الكرة الغربي... نشر العسكر يشير إلى أن قضية المهاجرين تعتبر تهديدا وتتطلب تدخل الجيش... وهذا شيء غير صحيح".

وخلال مؤتمر صحافي صباح الاثنين الماضي، شبه حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ آبوت، انتهاء العمل بالبند 42 بفتح الأبواب والترحيب بالمهاجرين من جميع أنحاء العالم، وإشارة إلى أن حدود أمريكا مفتوحة على مصراعيها.

وقال آبوت "سيؤدي ذلك إلى عبور عدد لا يُصدق من الأشخاص عبر الحدود بشكل غير قانوني"، مضيفا أن سياسات الإدارة "ستؤدي إلى كارثة".

الهجرة والانتخابات الرئاسية الأمريكية

من المرجح أن تلعب الهجرة دورا مهما في السباق الرئاسي لعام 2024، إذ أعرب العديد من الأمريكيين عن قلقهم بشأن الحدود وسياسة الهجرة الأمريكية.

وانتقد الجمهوريون بايدن، الديمقراطي الذي أعلن نيته إعادة الترشح لانتخابات 2024، بسبب تراجعه عن السياسات المتشددة بملف الهجرة للرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

وكان ترامب، المرشح أيضا لانتخابات 2024، قد اعتبر أن "البند 42" أحد "أنجح سياساته".

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز Associated Press-NORC أن 4 من كل 10 أمريكيين يعتقدون أنه ينبغي السماح لعدد أقل من المهاجرين وطالبي اللجوء بدخول البلاد.

حوالي ثلثي جمهور الحزب الجمهوري يؤيدون هذا المطلب، في حين أظهرت الاستطلاعات انقسامات في صفوف الديمقراطيين، إذ أيد 26% تخفيض أعداد المهاجرين في حين اعتبر 37% أن على بلادهم استقبال المزيد من المهاجرين وطالبي اللجوء.

ما هي الخطوات القادمة للسلطات الأمريكية؟

مع إنهاء العمل "بالبند 42"، ستعود سلطات الهجرة الأمريكية إلى البروتوكولات السابقة، إذ سيتم إما إبعاد المهاجرين من البلاد أو احتجازهم أو إطلاق سراحهم ريثما يتم النظر في قضاياهم أمام محكمة الهجرة.

إضافة لذلك، تسعى إدارة بايدن لإضافة تغييرات تأمل من خلالها تخفيف الضغط على الحدود ومساعدة الأجهزة المعنية، منها "تسريع" إجراءات طلب اللجوء والتحقق من أصحاب الطلبات خلال 24 ساعة إضافة إلى وترحيل من ترفض طلباتهم في غضون أيام أو أسابيع. كما سيتم ترحيل المهاجرين القادمين بشكل غير قانوني ومنعهم من العودة إلى الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات على الأقل، وسيتم "افتراض أنهم غير مؤهلين للحصول على اللجوء".

تحاول إدارة بايدن أيضا العمل على إنشاء مسارات للهجرة القانونية، على أمل ردع المهاجرين عن العبور بشكل غير قانوني. وكانت وزارة الأمن الداخلي قد أعدت خطة لهذا الهدف، تشمل إنشاء مرافق إضافية على طول الحدود لمعالجة طلبات المهاجرين، وتعزيز النقل واعتماد آليات تساعد على تسريع عمليات الترحيل.

وكالات