صحيفة إماراتية : قطر تسقط بامتحان زج موريتانيا في عاصفة

ما انفكت أبواق النظام القطري، وأتباعه من ذباب الإخوان، يشنون حملات ممنهجة ضد موريتانيا، وصلت إلى حد التحريض على نثر الفتنة وبث الفوضى في البلاد، ما فسره المراقبون بحقد دفين يكنّه تنظيم الحمدين لنواكشوط، العاصمة التي تحدت مشروعه، ووقفت بقوة في وجه مخططه التوسعي الذي يعتمد على الجماعات الإرهابية في تنفيذ بنوده، وللشعب الموريتاني الذي رفض الانسياق وراء عاصفة ما يسمى بـ«الربيع العربي»، واختار الأمن والاستقرار بديلاً عنها.

وتعود الحملات القطرية ضد موريتانيا إلى خمسة أسباب رئيسة، أولها الفشل في تسويق الثورات داخل البلد العربي الأفريقي الذي يعتبره المحللون الاستراتيجيون مفتاح غرب أفريقيا، وأحد أبرز أعمدة الاستقرار في دول الساحل والصحراء، إضافة إلى تأثيره المباشرة على دول المغرب العربي.

وكان مصدر رسمي موريتاني أكد أن قطر مولت تنظيمات مشبوهة في موريتانيا وحرضتها على زعزعة الأمن في البلاد، وارتكبت تجاوزات كبيرة في حق موريتانيا منذ عام 2011 وحتى اليوم، وإن نواكشوط تغاضت عن الكثير من هذه التجاوزات، مشيراً إلى أن حكومة بلاده سبق أن أعربت لسلطات الدوحة عن استيائها من التصرفات غير المقبولة، التي تهدد الأمن القومي للبلاد، لكن قطر لم تصحح مسارها تجاه موريتانيا.

كما أبرز الأمين العام المساعد للحكومة الموريتانية، محمد إسحاق الكنتي، أن قطر التي أنفقت أموالها بسخاء على حركات الإرهاب والتطرف، ومولت الحروب في الوطن العربي، ونجحت في تمزيق دول عدة، والقضاء على أي خطر جدي يهدد الكيان الصهيوني، دفعت أموالاً لجماعة الإخوان في موريتانيا، لزعزعة استقرار البلاد، والقيام بثورة على غرار ما جرى في تونس ومصر وليبيا 2011.

طرد حمد

وفي يناير 2012 أدى أمير قطر آنذاك حمد بن خليفة آل ثاني زيارة إلى نواكشوط في ثوب «الزعيم الفاتح» انتهت بطرده شر طردة من قبل الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، حيث أوضحت تقارير إعلامية أن المشادات حدثت في نهاية اللقاء بين ولد عبدالعزيز وحمد.

وأفاد مصدر مقرب من القصر الرئاسي في موريتانيا أن حمد نصح ولد عبدالعزيز خلال حديث دار بينهما بضرورة إحداث إصلاحات ديمقراطية في البلاد، من خلال بسط الحريات وانتهاج سياسية اقتصادية ناجعة، وتقريب التيار الإصلاحي الإسلامي، والتشاور معه، والاسترشاد بالداعية الإخواني محمد الحسن ولد الددو، الذي أثنى عليه حمد، غير أن هذه النصيحة أثارت حفيظة ولد عبدالعزيز، الذي انتقد السياسة القطرية من خلال «تصدير الثورة» وتوجيه قناة «الجزيرة» للتأليب والتحريض ضد الأنظمة العربية، معتبراً نصيحة الأمير القطري له تدخلاً في الشؤون الداخلية لبلاده.

وقد أثار غياب الرئيس الموريتاني ووزيره الأول وامتناعهما من توديع حمد في ختام زيارة يؤديها لموريتانيا استغراب المراقبين الذين استبعدوا أن يكون الأمر مجرد خطأ بروتوكولي كون الزيارة تم الإعداد لها منذ مدة وحظيت باهتمام كبير من الإعلام الموريتاني رابطين الأمر بتفجر خلافات بين قيادة البلدين في اللحظات الأخيرة.

نكسة تميم

السبب الثاني لحقد تنظيم الحمدين على موريتانيا، يعود إلى نكسة أمير قطر تميم بن حمد في نواكشوط، ففي يوليو 2016، احتضنت العاصمة الموريتانية القمة العربية الـ27، ولوحظ الانسحاب المفاجئ لتميم من الجلسة الافتتاحية واتجاهه مباشرة إلى المطار للمغادرة نحو واشنطن قبل دقائق معدودات من موعد إلقائه كلمته ما أثار تساؤلات عدة حول سبب ذلك الموقف، وقد أكدت مصادر إعلامية في ما بعد أن تميم امتعض من عدم حضور الرئيس الموريتاني إلى المطار شخصياً لاستقباله، واعتبر ذلك إهانة له، كما فوجئ بالاستقبال البارد الذي وجد في قاعة الاجتماعات.

أما السبب الثالث، فيعود إلى قرار نواكشوط بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة في السادس من يونيو 2017، حيث أعلنت موريتانيا قطع علاقاتها مع قطر بسبب «تمادي هذه الأخيرة في سياسة دعم التنظيمات الإرهابية وترويج الأفكار المتطرفة»، وقالت خارجية موريتانيا إن بلادها أكدت في كل المناسبات التزامها القوي بالدفاع عن المصالح العربية العليا، وتمسكها الثابت بمبدأ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، وسعيها الدؤوب لتوطيد الأمن والاستقرار في وطننا العربي والعالم، وتابعت أن مواقف بلادها عكست دوماً قناعتها الراسخة بضرورة تعزيز التعاون والتضامن بين الأشقاء، والتصدي لكل ما من شأنه تهديد الأمن والاستقرار في وطننا العربي، إلا أن قطر دأبت على العمل على تقويض هذه المبادئ التي تأسس عليها العمل العربي المشترك.

فشل الانقلاب

أما رابع الأسباب فيعود، وفق المراقبين، إلى فشل نظام الدوحة في تنفيذ مخططه للانقلاب على النظام الحاكم في موريتانيا، إذ كشف النائب الموريتاني محمد ولد محمدو، أن قطر قدمت الدعم لمجموعات موريتانية حاولت الانقلاب على النظام الحالي، إضافة لتقديمها الدعم لحركة أنصار الدين في شمال مالي.

ووفق تسريبات إعلامية، فإن قطر سعت إلى اختراق مؤسسات الدولة الموريتانية لتنفيذ انقلاب على نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز لصالح حلفائها من أصحاب الأجندات المرتبطة بالإسلام السياسي، وأن نواكشوط تمتلك من الأدلة والبراهين ما يدين الدوحة سواء بدعم الإرهاب أو التآمر على الأمن القومى لموريتانيا.

أما خامس الأسباب فيعود إلى فشل تنظيم الإخوان المدعومة من قطر في تحقيق ما كانت تطمح إليه من فوز كاسح في الانتخابات الموريتانية، برغم ما توفر لها من دعم مالي وإعلامي من قبل تنظيم الحمدين، إذ إن قطر جيشت أبواقها وخاصة قناة «الجزيرة» وعشرات المواقع الإلكترونية والجيوش الافتراضية لدعم حزب تواصل الإخواني، وتوجيه الرأي العام الموريتاني.

سد الباب

طالب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز الشعب الموريتاني بضرورة سد الباب أمام الأحزاب المغطاة بغطاء الدين التي هدمت بعض الشعوب العربية وأهلكت الحرث والنسل وفرضت على تلك الدول التراجع إلى العصور الحجرية. وأضاف «يجب تطهير البلد من هؤلاء، من عبدة الدينار والدرهم ومحصلي المال على حساب الشعوب كما ينبغي سد الباب على أولئك الذين ركبوا معاناة الشعب الموريتاني من أجل الحصول على مكاسب شخصية»

القسم: