حرب أوكرانيا: العالم على طرفي أرجوحة ، ماذا سيحدث لو اختل التوازن؟ / إسماعيل إياهي

 

كنا نظن أن مآسي الحروب الماضية واحتلال الدول ذات السيادة بالقوة المسلحة زمان قد ولى إلى غير رجعة أما وقد رأينا ما يحدث حاليا في أوكرانيا فلا بأس أن نذكر بتلك الحروب باختصار شديد، وما ترتب عليها من كوارث بشرية واقتصادية تمثلت في عشرات الماليين من القتلى والجرحى والمشردين. هذا ما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1944)، أما الحروب الأخرى مثل حرب كوريا وحرب الفيتنام وحروب إسرائيل الكثيرة، وحرب العراق الأولى والثانية..... إلخ، فلها كوارثها هي الأخرى طبعا لولا أن المقام يضيق عن ذكرها هنا.
ولعله من المفيد التذكير بأن ما يجري حاليا من مواجهات عسكرية في أوكرانيا وما يقوم به الغرب من عقوبات مالية تجارية واقتصادية كان منظورا طيلة الأعوام القليلة الماضية، فالعلاقات متوترة بين روسيا وبعض الدول الغربية، وخاصة مع المملكة المتحدة (بريطانيا)، فكانت الحرب الإعلامية على أشدها بين الدولتين، وربما كانت روسيا محرجة من نظرة الغرب إليها على أنها دولة ضعيفة اقتصاديا، لا يصل متوسط الدخل القومي فيها إلا إلى أقل مما هو عليه في كندا أو كوريا الجنوبية أو البرتغال، فقد يمس هذا الوصف روسيا في كبريائها، مع أن فيه شيء من عدم الدقة حقيقة، فالاتحاد الروسي بلد ضخم جغرافيا وبشريا،  وله الكثير من المعادن النفيسة والطاقة والصناعة والزراعة، مع أنها دولة نووية.
إنها الحرب الطيبة! كما يقال:  (de la bonne guerre)       
فالسلام وتعزيز مبادئ التعايش السلمي أولى من الحرب، سواء كانت إعلامية أو عسكرية، فأمريكا وفرنسا وروسيا بلدان نووية، وكل منها له ترسانة حربية من سلاح الدمار الشامل.
 والكل يعلم علم اليقين، أن صاروخا نوويا واحدا إذا ما أطلق من الشرق أو الغرب فستنتهي معه حياة الرفاهية ونعومة العيش، سواء في ذلك بلد الإطلاق أو بلد الهدف، إلى أمد بعيد.
ولعله من الوارد في هذا السياق ما سجلناه من اعتدال وشعور بالمسؤولية، لدى الرئيس الفرنسي ماكرون وما أظهره كذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن من ضبط للنفس من ناحية التصعيد العسكري حيث قال مرات أنه لا يريد الحرب ولن يرسل جنودا إلى أوكرانيا، مع أن من يشن حرب العقوبات المالية والاقتصادية لا بد وأنه يعلم أن الطرف الآخر له ردود فعل محتملة إما عسكريا أو اقتصاديا، بما يملك من مصادر الطاقة التي تلبي بعض حاجيات الدول الغربية خاصة أمريكا وألمانيا وغيرهما.
إننا مازلنا نأمل في رجاحة العقول والاحتكام إلى مبادئ السلم والتسامح التي هي احدى مبررات قيام منظمة الأمم المتحدة أصلا بعد الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1944).
ولعله من المفيد أخيرا أن نذكر بأن ما جري حاليا بين روسيا والغرب عموما قد يحترق فيه الأخضر واليابس، وتكتوي به دول لا دخل لها في هذا الصراع، لا من قريب ولا من بعيد، وخير مثال على ذلك افريقيا البريئة ، التي دعا علماؤها، مؤخرا، من نواكشوط إلى إطفاء الحرائق وإلى بذل السلم للعالم، وإلى الحوار بدل الصدام، وذلك طبقا لمساعي وتوجيهات داعية السلم الشيخ عبد الله بن بيه حفظه الله.
أما نحن فالخير أردنا والعلم عند الله 

 

د اسماعليل إياهي
أستاذ القانون الدولي العام
سابقا