زيارة الرئيس الألماني المرتقبة لبلادنا: فرصة للشراكة الاستراتيجية في الطاقة، النقل، والصناعة /,محمد الأمين لحويج
تُعد ألمانيا واحدة من الدول المتقدمة التي تتميز بنظامها الصارم، ودقتها في العمل، وتفوقها في مجالات التكنولوجيا والصناعة.
من هنا، تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس الألماني إلى موريتانيا كفرصة لتعزيز العلاقات بين البلدين في مجالات حيوية، مع الاستفادة من الموارد الموريتانية الكبيرة.
ولأن الضيافة جزء لا يتجزأ من الثقافة الموريتانية، فإنه من المناسب تنظيم استقبال يعكس جمال التقاليد البدوية، التي لطالما كانت مصدر إلهام للزوار الأجانب.
ومن الطريف ما قاله أحد الوزراء الموريتانيين ذات مرة لضيوف أجانب على مائدة الطعام، حين أراد أن يشرح لهم كيفية التعامل مع تعدد الأطباق، فقال: "عندما تكون المائدة المقدمة واحدة نقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما إذا كانت هناك أطباق أخرى، فنقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله". هذا الموقف يعكس روح الدعابة الموريتانية وأسلوب الضيافة الخاص.
الطاقة: المستقبل الأخضر
لا شك أن الطاقة المتجددة تحتل الأولوية في التعاون مع ألمانيا. ذلك أن موريتانيا تمتلك مصادر هائلة للطاقة الشمسية والرياح، مما يجعلها بيئة مثالية لتطوير مشاريع الطاقة النظيفة.
في المقابل، تمتلك ألمانيا الخبرة والوسائل اللازمة لتحويل هذه المصادر إلى مشاريع ناجحة، خاصة في مجال الهيدروجين المسال. من الضروري تجنب الأخطاء السابقة، مثل ما حدث في نهاية الألفينات عندما تراجعت ألمانيا عن مشروع استخراج الطاقة الشمسية من موريتانيا بدل الجزائر، بسبب نقص الخبرة والمعرفة المحلية. لذلك، يجب ضمان وجود فريق موريتاني مؤهل قادر على إدارة وتطوير المشاريع الطاقوية بالتعاون مع الشركاء الألمان.
النقل: الحاجة إلى تطوير
موريتانيا بحاجة ماسة إلى تطوير البنية التحتية للنقل، وخصوصًا السكك الحديدية.
النقل السككي ليس وسيلة فعالة لتحريك البضائع والموارد الطبيعية فقط، لكنه أيضًا يعزز التنمية الاقتصادية ويدعم التواصل بين المدن.
ألمانيا، التي تمتلك أحد أفضل أنظمة السكك الحديدية في العالم، يمكن أن تكون شريكًا رئيسيًا في هذا المجال.
من الجدير التفكير في شراء القطارات المستعملة التي لا تزال في حالة جيدة، لتكون حلًا اقتصاديًا لتحديث النقل في البلاد.
الصناعة: فرص للنمو والتنويع
في قطاع الصناعة، يمكن لموريتانيا الاستفادة من الشراكة مع ألمانيا لتطوير المصانع وتوطين بعض الصناعات الهامة.
إنشاء فرع لمصنع "بايرن" للأدوية على سبيل المثال، سيعزز الإنتاج المحلي للأدوية ويقلل من الاعتماد على الاستيراد، بالإضافة إلى ذلك، يمكن التفكير في إنشاء مصنع لتركيب السيارات، مع الاستفادة من الخبرة الألمانية في هذا المجال، كما أن توجيه الحديد المستخرج محليًا نحو مصانع تحويل بدلاً من تصديره خامًا، سيسهم في خلق قيمة مضافة ويعزز الاقتصاد الوطني.
إن التعاون بين موريتانيا وألمانيا يمكن أن يشمل مجالات متعددة، بدءًا من الطاقة والنقل وصولًا إلى الصناعة.
من خلال الاستفادة من موارد موريتانيا الطبيعية، وخبرة ألمانيا التكنولوجية، يمكن خلق شراكة مستدامة تعود بالنفع على كلا البلدين.
تظل الضيافة الموريتانية بابًا مفتوحًا دائمًا للتعاون، وخلق بيئة ترحب بالضيوف وتسهم في تعزيز العلاقات الثنائية.
محمد الأمين لحويج