غزة… جرح الإنسانية المفتوح وفضيحة الصمت العالمي حنن عبد الله أبوبكر --- محامي

لم تعد الجرائم التي ترتكب في غزة مجرد "أحداث" أو "اشتباكات" كما يحاول الإعلام الغربي المزيّف تصويرها، بل هي جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وتجويع ممنهج، تُرتكب أمام أعين العالم بلا حياء ولا خشية من القانون أو الضمير.
لقد تجاوز الاحتلال الإسرائيلي كل الخطوط الحمراء، فأطلق رصاصه وقنابله على المدنيين العزل، ودمّر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، ولم يكتفِ بذلك، بل جعل الصحفيين هدفًا مباشرًا لآلته الحربية في محاولة لطمس الحقيقة وإسكات الشهود على الجريمة.
استشهاد مراسلي قناة الجزيرة وغيرهم من الصحفيين الأحرار، إنما هو جريمة حرب مكتملة الأركان، موثقة بالصوت والصورة، تنطبق عليها نصوص اتفاقيات جنيف الأربع، والمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تُجرّم استهداف المدنيين والعاملين في المجال الإعلامي أثناء النزاعات المسلحة.
إن ما يحدث اليوم هو سياسة ممنهجة للتجويع والحصار، تمثل عقوبة جماعية يحظرها القانون الدولي الإنساني صراحة، وهو عمل يدخل في تعريف الإبادة الجماعية كما ورد في اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها لعام 1948.
ومع ذلك، فإننا نشهد صمتًا عربيًا وإسلاميًا مخجلاً، وتواطؤًا غربيًا فاضحًا، بل ونفاقًا أخلاقيًا لا مثيل له، حيث تتباكى حكومات أوروبا وأمريكا على حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بحلفائها، لكنها تصم آذانها عن صراخ أطفال غزة وتغض بصرها عن أشلاء النساء والشيوخ.
إن استمرار الحماية السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تمنحها واشنطن، وخاصة خلال عهد الرئيس الأمريكي الحالي، يجعلها شريكًا مباشرًا في هذه الجرائم.
كما أن رئيس حكومة الاحتلال ووزراءه وقادة جيشه يتحملون المسؤولية الجنائية الكاملة، ويجب تقديمهم إلى العدالة الدولية كمجرمي حرب.
نحن نطالب المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وكل الهيئات الأممية بتحمل مسؤولياتها، وفتح ملفات المساءلة الفورية ضد الرئيس الأمريكي الحالي، وضد قادة الاحتلال، وضد كل من شارك أو حرّض أو موّل أو سهّل هذه الجرائم.
كما نحمل الدول العربية والإسلامية مسؤولية تاريخية وأخلاقية عن تقاعسها، وندعوها للتحرك العاجل سياسيًا وقانونيًا واقتصاديًا لوقف الإبادة.
في المقابل، نرفع القبعة لقناة الجزيرة التي تقف في خط النار لتوثيق الحقيقة، ونحيّي مواقف أحرار العالم – من ناشطين وصحفيين وأكاديميين – الذين كسروا حاجز الخوف وفضحوا جرائم الاحتلال رغم الضغوط والتهديدات.
غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل امتحان للإنسانية جمعاء. ومن يصمت على قتل الأطفال وتجويع الأبرياء واستهداف الصحفيين، إنما يشارك في الجريمة بصمته.
التاريخ لن يرحم… والعدالة قد تتأخر لكنها ستأتي، وسيقف القتلة وأعوانهم أمام محكمة الحقيقة، يوم لا ينفع فيه تبرير ولا ادعاء جهل.
حنن عبد الله أبوبكر --- محامي